دبي – رضا هلال:
مع نهاية عام 2024، العام المليء بالإنجازات والزخم العقاري تتزايد التساؤلات حول توجهات القطاع العقاري في 2025، وما إذا كان الوقت ما زال مناسبًا للشراء؟
يجيب على هذا التفاؤل العميق مهنّد الوادية، الرئيس التنفيذي لشركة “هاربور العقارية” قائلا: بكل تأكيد “نعم”. فنحن على أعتاب حقبة جديدة مدعومة برؤية واضحة ومخططات استراتيجية مدروسة حتى 2033 و2040. ومع ذلك، يجب على المشترين التخطيط بذكاء لاتخاذ قرارات مبنية على رؤية طويلة الأجل. أما بالنسبة للمستخدمين النهائيين، فإن التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة تجعل أخذ الرهن العقاري أكثر جاذبية، مما يعزز القدرة الشرائية، ويشجع على دخول المزيد منهم إلى السوق.
ويضيف مهند: بحلول عام 2025، يتأهب سوق العقارات في دبي لدخول مرحلة جديدة من النمو المدروس والتطور المستدام. تأتي هذه التحولات في ظل إطلاق استراتيجية القطاع العقاري 2033 في الربع الرابع من عام 2024، وهي خطة طموحة تهدف إلى تحقيق معاملات بقيمة تريليون درهم، وزيادة نسبة ملاك العقارات بين سكان دبي إلى 33%. تحمل هذه الاستراتيجية رؤية واضحة لتعزيز الجاذبية الاستثمارية، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب، ودفع عجلة الاستدامة في المشروعات المستقبلية. وفي هذا السياق، يصبح 2025 نقطة انطلاق جديدة ضمن خارطة طريق تمتد حتى 2040، مما يجعل التخطيط الذكي ضرورة لا غنى عنها لكل مستثمر ومشترٍ.
وتتضمن خطة دبي الحضرية 2040 كما يشير مهند بأن العديد من المحاور الاستراتيجية التي تركز على تطوير خمسة مراكز حضرية رئيسية: ديرة وبر دبي، وسط المدينة والخليج التجاري، مرسى دبي وجميرا بيتش ريزيدنس، مركز إكسبو 2020، وواحة دبي للسيليكون. هذه المناطق تشكل قلب التطوير العمراني المستقبلي لدبي، حيث تسعى الإمارة إلى استيعاب نمو سكاني يصل إلى 5.8 مليون نسمة مقيم دائم، بالإضافة إلى 2.1 مليون فرد يمثلون “سكان النهار” العاملين والزائرين.
ويذكر أن استراتيجية القطاع العقاري الجديدة تعتمد على رؤية شاملة تهدف إلى تعزيز الاستدامة في المشاريع العقارية من خلال اعتماد ممارسات البناء الأخضر وتقنيات كفاءة الطاقة. كما تركز على رفع جاذبية دبي للاستثمارات العقارية الدولية لتظل وجهة مفضلة للمستثمرين حول العالم، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب لدعم استقرار السوق والحد من التقلبات. إلى جانب ذلك، تشجع هذه الاستراتيجية على الابتكار العقاري عبر دمج التقنيات الذكية في التخطيط والبناء، مع التركيز على تطوير مشاريع ميسورة التكلفة لدعم الفئات ذات الدخل المتوسط. الشفافية في السوق العقاري تعد جزءًا أساسيًا من هذه الخطة، إذ تهدف إلى تعزيز ثقة المستثمرين والمشترين.
بالإضافة إلى ذلك، تشمل الاستراتيجية إدارة الموارد بكفاءة لضمان استدامة التطوير العقاري ودعم المشاريع التي تسهم في تحسين جودة الحياة لسكان الإمارة. كما تسعى إلى تحقيق التكامل مع خطة دبي الحضرية 2040 التي تعمل على إنشاء مجتمعات ذكية ومترابطة تلبي احتياجات السكان المتنوعة، مما يجعل سوق العقارات في دبي في موقع ريادي عالمي.
ويلفت الي انه و مع انطلاقة عام 2025، تتزايد الفرص الاستثمارية في السوق العقاري بدبي. المشاريع المستدامة ستصبح الأكثر جاذبية وقيمة مع تركيز دبي على ممارسات البناء الأخضر ومرافق كفاءة الطاقة. ومن المتوقع استمرار الطلب على الأصول العقارية المحدودة من حيث المعروض مثل المساحات المكتبية، الفلل المستقلة وفلل التاون هاوس والأراضي للتطوير العقاري مما سيزيد جاذبية هذه الفئات. وفي ظل التركيز على الفئات المتوسطة الدخل، تمثل هذه المشاريع فرصة استثمارية طويلة الأجل. الأولوية الآن أصبحت للجودة في التصميم والخدمات والبنية التحتية، عوضا عن الكم وحجم المشاريع.
وينتقل الحديث عن التكنولوجيا والذكاء الصناعي كونهما يلعبان دورًا محوريًا في تشكيل مستقبل القطاع العقاري. أنظمة إدارة المنازل الذكية، وتقنيات تحسين كفاءة الموارد، والخدمات المخصصة أصبحت جزءًا لا يتجزأ من المشروعات العقارية الجديدة، مما يساهم في تعزيز قيمتها، ويجعلها أكثر توافقًا مع تطلعات السكان والمستثمرين.
ويتوقع في عام 2025، أن تلعب الشراكات بين القطاعين العام والخاص دورًا أكثر تأثيرًا في تطوير مشاريع نوعية تلبي احتياجات السوق. هذه الشراكات لن تعزز فقط من جاذبية دبي الاستثمارية، بل ستسهم أيضًا في تقديم حلول مبتكرة تجمع بين التصميم العملي والجمال المعماري. مشاريع مثل دبي الجنوب، ومجتمعات متكاملة أخرى تمثل أمثلة واضحة على كيفية توجيه الموارد نحو تحقيق رؤية شاملة ومستدامة.
علاوة على ذلك، الأحداث العالمية التي تستمر دبي باحتضانها، ستساهم في تعزيز سمعة الإمارة كمركز عالمي، وبنيتها التحتية والمرافق الثقافية والترفيهية؛ لتترسخ مكانتها كمدينة عالمية. هذه المبادرات الاستراتيجية تجذب الاستثمارات وتعزز جاذبية الإمارة كوجهة مثالية للعيش والعمل، مع تأثير مستمر على مستقبل السوق العقاري.
ومع استمرار زيادة الطلب على الجودة في المشاريع العقارية، يتعين على المطورين التركيز على تقديم خدمات متميزة ومرافق تعزز من تجربة السكن. على سبيل المثال، المرافق الذكية التي تسهم في تحسين جودة الحياة، مثل إدارة الموارد بكفاءة وتقنيات الأمن الذكية، أصبحت الآن مطلبًا أساسيًا. المستهلكون أصبحوا يبحثون عن مشاريع تقدم قيمة مضافة تتجاوز الجوانب المادية، مما يعزز من أهمية التخطيط الذكي في جميع المراحل.
ويؤكد أن دبي تسير بخطى ثابتة نحو أن تصبح مدينة متكاملة تعتمد على استراتيجيات التنمية المستدامة. ولكن هذا التحول يتطلب من المستثمرين والمشترين تبني رؤية طويلة الأجل تعتمد على اختيار المشاريع التي تتوافق مع أهداف الإمارة. الاستثمار في العقارات التي تدعم رؤية 2040، سواء من حيث التصميم أو الموقع أو المرافق، سيكون الخيار الأمثل لأولئك الذين يسعون لتحقيق عوائد مالية واستراتيجية.
ويختم في نهاية المطاف، 2025 هو أكثر من مجرد عام جديد في سوق العقارات، بل إنه يؤسس لعقد جديد من الفرص والنمو المدروس. التخطيط الذكي هو الأساس، واختيار المشاريع التي تعكس رؤية دبي هو المفتاح لتحقيق النجاح في هذا السوق الديناميكي.
لذلك، على المستثمرين والمشترين أن يتبنوا نهجًا استراتيجيًا يستفيد من الزخم الحالي للسوق العقاري في دبي. فهم الديناميكيات الجديدة، والتوجه نحو المشاريع المبتكرة والمستدامة، واتخاذ قرارات مدروسة هي العوامل التي ستحدد النجاح في هذا العام المحوري.